السبت، 18 أبريل 2009

تزامن ميلاد الفيدرالية الديمقراطية للشغل مع بداية تحولات سياسية وديمقراطية، على الصعيد الوطني، كان لها أثر كبير على مسار النضال الديمقراطي العام وعلى مسار النضال النقابي بشكل بارز، كما جاء التأسيس أيضا في ظروف أخذت فيها ظاهرة العولمة، بعد سنوات قليلة من ميلاد المنظمة العالمية للتجارة، تتوسع وتفرض نفسها على جميع دول المعمور كيفما كان حجمها ووزنها الاقتصادي. كما طرحت العولمة على الحركة النقابية الدولية والوطنية تحديات جوهرية ومصيرية على جميع المستويات سواء على مستوى المقاربة المطلبية من حيث تحديد الأولويات النقابية إن هي أرادت أن تتبوأ موقعا وازنا ومؤثرا في خضم هذه التحولات.
لقد جعل واقع التكلس البيروقراطي الذي أصاب قيادة بديل 1978 وطغيان المصالح الفردية الضيقة على المصلحة العامة للحركة مسألة تأسيس الفيدرالية الديمقراطية للشغل ضرورة موضوعية وحيوية تفرضها مواجهة التحديات الجديدة والتفاعل مع معطيات الوضع الاقتصادي العالمي والوطني بشكل يسمح للمأجورين بالدفاع عن مكتسباتهم ومطالبهم بكل شفافية ونزاهة.
ومن ثم فإن هذا العمل التأسيسي المتجدد يعتبر في نفس الوقت عملا تصحيحيا يهدف إلى تجاوز الانحراف البيروقراطي الذي أصاب قيادة الحركة النقابية، ومجهودا إنسانيا يمتح من الذكاء النظري والعملي للعمل النقابي النبيل المتجاوز للمنظور النقابي الكلاسيكي الضيق الأفق، المغلف بخطاب شعبوي وشعارات تهدف إلى إيهام جماهير المأجورين بنقاء نضالي لم يعد له وجود في الممارسة الفعلية.
إن التغيرات المتسارعة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواء على المستوى العالمي أو الوطني تفرض على المسؤول النقابي المؤمن بالحداثة وبضرورة تجديد الحركة النقابية وتسليحها قصد تأهيلها لمواجهة تحديات المرحلة أن يتسلح بوضوح الرؤيا وبالمعرفة العلمية للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وإعمال سلاح النقد لتطوير أساليب تفكيره وعمله على حد سواء.
2- استيعاب المتغيرات السوسيو اقتصادية والثقافية العالمية والوطنية :لقد أحدث سقوط جدار برلين وانهيار منظومة الاتحاد السوفيتي اختلالا في التوازنات الدولية الموروثة عن نهاية الحرب العالمية الثانية لفائدة القطب الاقتصادي الليبرالي. وقد كان من انعكاسات هذا الوضع المستجد ظهور دعوات من لدن المؤسسات المالية الدولية ومن طرف المتحكمين في الاستثمارات الدولية على ضرورة تراجع الدولة عن التدخل في توجيه الشؤون الاقتصادية وترك الشأن الاقتصادي لقوى السوق، كما طالبوا أيضا بضرورة تخفيف الأعباء الاجتماعية على كاهل المستثمرين كشرط أساسي لمساهمتهم في حل المعضلة الاجتماعية المتمثلة في البطالة. وقد وجهوا ضغطهم في المرحلة الأولى من سنوات التسعينيات على منظمة العمل الدولية للحد من قدرتها على إصدار اتفاقيات دولية تحمي الأوضاع الاجتماعية للمأجورين في العالم.
وفي العديد من الدول ضغط المستثمرون على هدد ألمستثمرون السلطات ات الدولية لصالح العمال.
حكومات بلدانهم للتخفيف من الأعباء الاجتماعيـــــــــة (تخفيض الضرائب على الشركات، إعفاء الشركات من ديونها المستحقة للصناديق الاجتماعية، إقرار المرونة في الشغل، تسريح العمال...) لمؤسساتهم تحت التهديد بترحيل مصانعهم إلى بلدان أقل تكلفة وأكثر ربحا. ولم يسلم المأجورون من حملة الضغط تلك والتي كان يسعى المشغلون من ورائها إلى إرغام العمال على التخفيف من سقف مطالبهم إن هم أرادوا الحفاظ على مناصب الشغل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق